الإصلاح السياسي في المئوية الثانية
بلال العبويني
في البدء، لا بد من طرح سؤال مفاده، لماذا أجريت انتخابات مجلس النواب التاسع عشر على ذات القانون الذي أجريت عليه انتخابات المجلس الثامن عشر؟
كان ثمة الكثير من الملاحظات على القانون، وكان ثمة رأي يسعى إلى تقليص عدد أعضاء المجلس من 80 – 100 نائب، ليكون أعضاء المجلس نوابا متفرغين للرقابة والتشريع ولفسح المجال امام مجالس اللامركزية بعد تطوير قانونها للخدمات.
والسؤال الآن؛ لماذا لم يعدل القانون؟، ومن الذي أقنع دوائر القرار أن القانون مثالي، ولا حاجة لتعديله في المرحلة الراهنة؟
على كل، اليوم باتت الحكومة مقتنعة بضرورة إجراء المشاورات لتعديل قانوني الانتخاب والأحزاب، وهذه القناعة ليست ذاتية بالطبع، بل بعد أن حسم جلالة الملك ذلك في مقابلته مع وكالة الأنباء الأردنية “بترا”.
قانون الانتخاب، يحتاج إلى تعديل، لكن ما الصيغة؟، هذا ما يحتاج إلى مشاورات عميقة عنوانها إفراز برلمانيين متفرغين لدورهم الرقابي والتشريعي، ومستندين إلى تاريخ في العمل العام سواء عبر الأحزاب او الائتلافات أو مؤسسات المجتمع المدني أو الروابط الاجتماعية المختلفة.
غير أنه وقبل ذلك كله لا بد من العمل على قانون أحزاب عصري، يفرز أحزابا برامجية حقيقية لها وجود واضح في مختلف المحافظات ولديها القدرة على ضم أعضاء من الشباب والنساء والكهول، ولديها القدرة على تقديم مقترحات بحلول للأزمات المختلفة سياسية أو اقتصادية او اجتماعية أو ثقافية.
ولتحقيق ذلك، لا بد من النظر إلى قضية التمويل الذي تتلقاه الأحزاب من الدولة كل عام، إذ لا يجب أن يظل كما هو، بل لا بد من ربطه بكثير من القضايا المتعلقة بالعمل الحزبي وانعكاسه على الحياة السياسية.
وذلك، حتى نكون أمام حالة حزبية صحية تثري الحياة السياسية، وإلا سنظل امام أحزاب عائلية أو وجاهية لا تقدم أي قيمة مضافة، بل العكس تستفيد من التمويل السنوي دون تقديم أي مقترح نوعي، بل وسنظل أمام تفريخ المزيد منها والتي لا تعدو كونها أسماء وأرقاما فقط.
كما أن تطوير الحياة السياسية في المملكة، لا يمكن فصله بأي حال عن ضرورة المشاركة الشبابية، ومشاركة الشباب تكون عبر مختلف السبل ولا بد ان تكون الجامعات منها؛ باعتبارها المصنع الحقيقي لانتاج قيادات المستقبل.
وعليه، لا يجب أن تظل الممارسة السياسية ممنوعة في الجامعات، لأن بديل انتماء طلاب الجامعة للأحزاب والأطر السياسية القانونية هو اللجوء إلى الهويات الفرعية، كما الحاصل اليوم في انتخابات اتحادات الطلبة.
وهذا لا يستقيم ومجتمعنا الأردني الذي دخل مئويته الثانية، ويحتاج بكل ما تعنيه الكلمة من معنى إلى تطوير مختلف أدواته ليسطّر عهدا جديدا من البناء والارتقاء.
لذلك، على مختلف السلطات أن تستشعر الحاجة للتطوير والتحديث وأن تقوم بدورها دون خوف أو تردد، وعليها لا تنتظر جلالة الملك ليبتّ في القضايا التفصيلة التي هي في الأصل من صلب مهامها.