نريد أن نسمع الرئيس
حسين الرواشدة
على الرغم من مرور اكثر من مائة يوم على تكليفه بتشكيل الحكومة، لم يخرج الرئيس الخصاونة في اية مقابلة إعلامية حصرية لمخاطبة الرأي العام وشرح ما لديه من أفكار او توجيهات، كما ان جولاته المفترضة للقاء المواطنين في الأطراف لم تبدأ بعد، لا بأس، فالرئيس على ما يبدو كان مشغولاً في الفترة الأخيرة بمناقشات مع مجلس النواب، لكن في تقديري ان افصاح الرئيس في حوار تلفزيوني او صحفي طويل عن برامج حكومته وترتيب لقاءات مع المواطنين خارج العاصمة، هو في صميم الأولويات التي يفترض ان يبدأ بها.
صحيح ان الرئيس أطل في عدد من اللقاءات الصحفية من خلال مداخلات سريعة وموجزة عن قرارات «الدفاع»، كما انه قدم رد الحكومة في بيان الحصول على الثقة امام مجلس النواب، لكن يبقى لدى الاعلام الذي يفترض ان يمثل الضمير العام للمجتمع أسئلة بحاجة الى إجابات، وهذه فرصة «للرئيس» لكي يقدم نفسه للرأي العام ويكشف عن «اجندة» الحكومة في المرحلة القادمة، وهي فرصة يفترض ان «تستثمر» في اطار مدروس، لكي تكون صورة الرئيس ورسالته واضحة، وليس كما حصل مع «رؤساء» سابقين حين صبت مقابلاتهم مع الاعلام بعكس ما يتوقعون.
أعرف ان لدى الرئيس الخصاونة القدرة والكفاءة السياسية للتعامل مع أسئلة الاعلام، كما اعرف ان لديه من «الملفات» ما يكفي لمصارحة الرأي العام، واقناعهم بخط سير الحكومة، لكن المهم ايضاً هو ان خروج الرئيس الى الفضاء العام، بعد ان ظل على امتداد خدمته في السلك الدبلوماسي وفي موقع المستشار لجلالة الملك بعيداً عن الأضواء، سيكون ضرورياً للاشتباك مع قضايا الناس وهومهم، والرد على اسئلتهم بشكل مباشر، فمن حق الجمهور ان يعرف ما يفكر به الرئيس وأن يسمعه، وأن يقرأ في ملامحه واشارته ما يمكن ان يطمئنه على ان حركة الحكومة في المرحلة القادمة ستكون أفضل مما يتوقعه، وانها تستحق الثقة فعلاً.
بقى لدي ملاحظتان، الأولى هي ان « التعرض الإعلامي» من قبل أي مسؤول، لا سيما في اللقاءات والحوارات المباشرة، يحتاج الى خبرة وحكمة ايضاً، كما ان تكرار هذا التعرض بشكل غير مدروس ينعكس بشكل سلبي على الرسالة الإعلامية، وقد أصاب رئيس الحكومة حين «ضبط» عملية الظهور الإعلامي للوزراء، وخاصة على صعيد تناول موضوع «الوباء» .
اما الملاحظة الثانية فهي ان أداء بعض الوزراء عند مواجهة الاعلام، لا سيما حين يخرجون معاً، لم يكن موفقاً احياناً، مما يترك انطباعاً عاماً لا يصب في مصلحة الحكومة، وربما فراغاً بحاجة لمن يملأه بخطاب اكثر تواضعاً وتوازناً، ومن هنا تبدو مواجهة الرئيس بنفسه للإعلام في أوقات مدروسة ومحدودة مسألة ضرورية، ليس فقط لأنها فرصة لتصحيح «انطباعات» الرأي العام عن صورة الحكومة التي تشكلت من خلال خطاب بعض الوزراء، وانما لأنها تشكل الإطار العام لرسم الصورة عن أداء الحكومة من مصدرها الأصلي، باعتبار الرئيس هنا هو القائم بالاتصال، وباعتبار الرسالة التي صدرت منه هي الأصل، وبالتالي سيكون استقبالها من قبل الرأي العام اسهل وأوضح، وسيكون أثرها ايضاً أفضل وأكبر.
الدستور