حق اختيار اللقاح
بلال العبويني
سواء نحن أو من سبقونا ممن تلقوا اللقاحات التي تندرج تحت البرنامج الوطني للتطعيم مثل لقاح الحصبة أو الكزاز أو غيرهما، لم نسأل عن مكان تصنيعها ولم يشكل لنا ذلك أي هاجس لثقتنا بالعلم وبوزارة الصحة التي أخذت على عاتقها تلك المهمة العظيمة.
تلقينا اللقاحات ومن سبقونا ولم يحصل لأي منا سوء، بل على العكس اختفت أو كادت الكثير من الأمراض بفعل برنامج التطعيم الوطني الذي يعد الأفضل في المنطقة، والذي لا يفرّق بين أردني أو مقيم على أرض المملكة.
اليوم، بدأت إمدادات اللقاح ضد فيروس كوفيد 19 تصل إلى المملكة، وكانت وزارة الصحة أطلقت منصة الكترونية للتسجيل لتلقي المطعوم، غير أن الإقبال على التسجيل ما زال متواضعا، ولا يرتقي لحجم الخطر الذي نعيشه.
ضعف الإقبال قد يكون سببه حداثة المرض والسرعة في انتاج اللقاح الذي فرضتها طبيعة المرض الذي أوقف العالم طيلة العام الماضية على قدم واحدة.
غير أن ذلك لا يعني أن السرعة كانت مقدمة على “المأمونية”، فدول العالم أجمع لا يمكنها أن تتخذ قرارا بإلحاق الأذى بشعوبها، حالهم في ذلك كحالنا في الأردن فكان الترخيص الطارئ لاستخدام اللقاح بعد استيفاء الأوراق والدراسات على “مأمونيته”.
لم نحدد فيما سبق نوع اللقاح، على اعتبار أنها جميعا آمنة، فمن انتج تلك اللقاحات شركات عالمية عريقة، ومثل هذه الشركات لا يمكنها أن تضحي بسمعتها وموثوقيتها ببساطة.
فهي لا تنتج لقاح كوفيد 19 فقط، بل غيره من اللقاحات والأدوية، ما يعني أن خطأ واحدا في اللقاح سيكلفها سمعتها والموثوقية في باقي ما انتجته وتنتجه من لقاحات والتي قد نكون نحن تلقينا لقاحات الحصبة أو الكزاز .. الخ، من انتاج هذه الشركة أو تلك.
لذلك، خيار وزارة الصحة بعدم إخبار متلقي اللقاح عن نوعه والشركة المنتجة له، كان خيارا سليما من ناحيتين، الأولى أن التخيير يخلق الشك، والثانية أننا لم نسأل من قبل عن اللقاح والشركة المنتجة، فلماذا نخلق اليوم بدعة مع لقاح كوفيد 19.
بالتالي، ضعف الإقبال على التسجيل لتلقي اللقاح، قد لا يكون خيارا سليما وقد لا يكون في صالح المجتمع، عندما تظل العدوى تسري في الناس وتتراجع صحتهم وتتضرر مصالحهم وبالتالي مصالح الدولة.
فمنذ أن بدأت العدوى تسري في مجتمعنا كنا ننتظر بفارغ الصبر انتاج لقاح ضد كوفيد 19 لانقاذ أنفسنا ومصالحنا، أما وقد وصل اللقاح فإن الأولوية تكمن في ضرورة الإقبال على تلقيه لنساهم في جعل كوفيد 19 جزءا من الماضي.
الفيروس، في النهاية باق ولن ينتهي، وقد يصبح اللقاح ضده من ضمن اللقاحات المعتمدة في البرنامج الوطني للتطعيم، فلم التردد إذن؟، ولماذا لا نستعجل التسجيل على المنصة لنحمي مرضانا وكبار السن من أحبابنا الذين هم من ضمن أولويات وزارة الصحة لأخذ المطعوم أولا.
اللقاحات آمنة، هذا ما يؤكد عليه العلم والعالم أجمع، وتلقيها لا يلحق ضررا، فإن كان هناك فارق في “نسبة الفاعلية” فإن ذلك يؤكد أنها آمنة وأن حالها كحال بقية الأدوية التي تتفاوت نسبة الفاعلية فيما بينها.