مقالات

المساعدات الخليجية.. هل اختفت؟

عصام قضماني
المنحة الوحيدة التي سيحصل عليها الاردن لسنة ٢٠٢٤ هي من الولايات المتحدة الاميركية وبقايا المنح الخليجية السابقة ومجموعها 724 مليون دينار.

لم ترصد موازنة عام ٢٠٢٤ اية توقعات لمنح او مساعدات عربية وتحديدا من دول الخليج العربي.. فهل توقفت او اختفت؟.

اخر منحة خليجية حصل عليها الاردن وقدرها ٥ مليارات دولار اعقبتها منح اخرى بعد مؤتمر مكة عام ٢٠١٨ بقيمة ٢،٥ مليار دولار اضافة الى وديعة في البنك المركزي.

شكل المنح الخليجية للاردن تغير منذ ذلك الحين وكان هناك توافق على هذا التغيير بان يستبدل باستثمارات تعود بالفوائد على الاردن والدول الخليجية المانحة وخصوصا السعودية والامارات.

لكن الاردن لا زال بحاجة الى دعم نقدي يذهب لمصلحة اطفاء جزء من العجز بدلا من الاستدانة وزيادة اعبائها والمقدرة ان ترتفع للسنة المقبلة بنحو ملياري دينار بالصافي.

تعمق هذا التحول بشكل اكبر بدعم استثماري كبير حاء من الامارات العربية المتحدة التي وقعت مذكرات تفاهم بقيمة 6 مليارات دولار في مجالات استثمارية متنوعة منها ٤٠٠ مليون دولار مع صندوق ابو ظبي للتنمية.

فيما لا زال الصندوق السعودي الاردني للاستثمار يعمل من بين ٥ صناديق وشركات اقليمية اطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كاستثمارات لصندوق الاستثمارات العامة يأتي صندوق الاستثمار السعودي الاردني برأس مال ٣ مليارات دولار.

التحول الاستراتيجي للسعودية والامارات الى الإستثمار هو دليل ثقة بقوة الإقتصاد الأردني والفرص التي يتيحها.

الأردن لا يحتاج الى خطة إنقاذ فهو ليس متهاوياً ينتظر أن تمطر السماء عليه بدولارات يملأ بها خزائن الإحتياطيات،ويسعف قيمة ديناره !!, هو يحتاج الى إستثمارات هادفة تتصف بالديمومة.. هذه هي الإستراتيجية الجديدة التي تحولت اليها دول الخليج وهي ما يحتاجه الأردن.. ماذا بعد ذلك من أولوية؟..

شكل علاقة الأردن مع دول الخليج والسعودية في المقدمة تغير كثيرا، اليوم هي محصنة من الخلافات في وجهات النظر حيال القضايا السياسية وإن كان التوافق ظل سيد الموقف، وقد وجد تفهما من القيادات القديمة والجديدة في تلك الدول.

شخصيا لا أستسيغ وصف العلاقة بأنها في أفضل حالاتها، فهذا وصف عاطفي يمكن أن يتغير، لكن هذا العمق الذي إكتسبته ساعد في ترسيخه التشابك الإقتصادي والمصلحي الذي عزز الوفاق ونأى به عن المتغيرات.

ثمة أصوات لا تريد لهذه العلاقات أن تنمو، وقد إنشغلت في تحليل شكل هذه العلاقة وغاياتها واهدافها ومستقبلها لكن العلاقات مع السعودية وبلدان الخليج ثمينة، وبنائها تطلب جهودا مضنية وتفهما مقدرا في الإتجاهين، وحمايتها وتنميتها مصلحة مشتركة.

في الخليج اليوم قيادات شابة مختلفة كليا عن سابقتها لكن كثيرا من المسؤولين والمحللين لم يلتفتوا الى هذه المتغيرات الإيجابية وهم لا يرغبون في ملاحظتها، ويعتقدون أن من واجب دول الخليج الإبقاء على حنفية الدعم المجاني غير المفيد وبدلا من مواجهة الأليات الجديدة بخطط وبرامج مقنعة، يتمسكون بذات اللغة القديمة التي لم تعد موجودة.

تحول الخليج من «النقدي المباشر » الى إستثمار ومشاريع حيوية يحتاجها الأردن خطوة صحيحة، فهذه المشاريع سرعان ما تتحول الى أصول تضاف الى الأصول ذات القيمة الكبيرة في البنية التحتية للإقتصاد الأردني وتسهم في توليد عائدات مالية متكررة وفرص عمل دائمة.

لكن في ذات الوقت لا زال الاردن بحاجة الى الدعم النقدي المباشر للتخفيف من عبء الاستدانة وارتفاع خدمة الدين العام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى